#رواية البديلة #المقدمة
#رواية البديلة
المقدمة
تعالى لهاثه المحموم وهو يطالبها بالمزيد فلم يعد يكفيه ما يراه
توسلت اليه: أرجوك محسن، أنا أخجل كثيرًا لم أعتد على الأمر بعد، لقد قضينا أسبوعين فقط معًا، الأمر جديد عليّ.
نهرها وكرر نفس الكلام الذي حفظته: أنتِ زوجتي وهذا واجبك كفي عن هراء الخجل هذا، ماذا أفعل أنا؟ وأضاف مستنكرًا يسألها: هل أذهب للحرام؟ هل هذا يرضيك؟
هزت رأسها رافضة: بالطبع لا.
ثم أردفت بلهفة: أرسل ليّ زيارة وأعدك أن أفعل كل ما يرضيك.
صاح بغضب: تعرفين الظروف جيدًا والغلاء، من أين آتي أنا بالمال؟ تعرفين كل دخلي أسدده بأقساط للأرض التي اشتريتها. من أين آتي أنا بمال لـتأتي سيادتك بزيارة، هيا افعلي ما آمرك به.
رجعت مرة أخرى بنبرة متوسلة ترجوه: محسن يقولون إن الاتصال عبر الانترنت غير آمن ماذا لو أخذ أحدهم صورتي ماذا سأفعل أنا؟
تأفف من هذا الحديث اليومي المكرر الذي يضطر إلى خوضه يوميًا معها حتى تفعل ما يرضيه.
قال لها مهادنًا: صفاء أنتِ عرضي أخاف عليكِ كما أخاف على نفسي هل تتصورين إنني قد أعرض عرضي للقيل والقال، لا تقلقي هذا البرنامج آمن، وقبل أن تفتح فمها باعتراض آخر رمى إليها بكلماته الأخيرة عالمًا مدى تأثيرها عليها، أتريدين أن تنامي والملائكة تلعنكِ لأنك امتنعت عن زوجك؟
هزت رأسها نفيًا ودموع كثيفة تتجمع في عينيها، أومأ برأسه راضيًا وهو يخبرها بما يريده آمرًا أن تفتح الفيديو وتتعرى كما يريد مع التأكيد عليها بإرسال بعض الصور له ليطالعها كما يريد في أوقات فراغه عندما لا يستطيع الوصول اليها.
**************
جالسة تطالع فيلم الكرتون مع ولدها ومن حين لآخر يطلق ابنها تعليقًا طفوليًا تضحك عليه بهناء، يتوسطهم طبق كبير من الفشار منهمكين في الأكل منه، قفز إياد من مكانه مهللًا على صوت المفاتيح قائلاً بسعادة طفوليه: أبي.
ابتسم له كريم بحنان وهو يحمله قائلًا: كيف حال بطلي؟
استقبلته مرام بابتسامة رائقة متمتمه" حمد لله على السلامة "
قبل رأسها ثم جلس على الكرسي المجاور لهم ومسك الريموت فقال إياد معترضًا: أنا أشاهد فيلم الكرتون.
تذمر كريم: أنا أريد متابعة قناة الرياضة.
تدخلت مرام بينهما كالعادة وهي تنظر إلى كريم قائلة: فيلم إياد باقي له فقط ربع ساعة وبعدها افعل ما تشاء، اتفقنا.
نظر لها بحنق فابتسمت له بحنان تخصه به وحده هو واياد، استمعت لتمتماته الحانقة فضحكت وهي تجلس بجواره، كريم زوجها برغم سنوات عمره التي تقترب من الثلاثين إلا إنه طفل كبير مدلل، ربما يرجع هذا لظروف نشأته فهو وحيد والديه، والدته متعلقة به بشدة وتدلله كثيرًا كطفل صغير.
انتبهت على صوتهِ يقول: أبي وأمي آتيين بالطريق لقد نسيت أن أخبرك.
هلل إياد لمقدم جديه فهو يحبهما كثيرًا بينما قامت مرام مسرعة لتجهز بعض الأشياء للضيافة موبخه زوجها أنه أخبرها متأخرًا.
***********
تعالت ضحكات إياد مع جدته وهو يلعب معها بهناء، بجوارهما كان كريم وأبيه منهمكين في متابعة إحدى مباريات كرة القدم.
تنبه كريم عند جلوس إياد على قدمه، تلفت فلم يجد والدته فسأل ابنه أين ذهبت جدته، فأجابه إنها ذهبت إلى المطبخ لوالدته، فقام مسرعًا ليلحق بها.
ابتسم أبوه بحنان وهو يراقب انصرافه السريع للبحث عن والدته وزوجته، دومًا كان يخشى أن يؤثر دلال زوجته المبالغ فيه لكريم على علاقته بأسرته ولكن يحمد الله فابنه أثبت له أنه ربى رجلًا بحق يرعى أسرته الصغيرة خير رعاية ويعامل زوجته الرقيقة التي أحبها كابنة لم يحظى بها أفضل معاملة.
في المطبخ كانت والدة كريم تحاصر مرام بالأسئلة عن سبب عدم حملها للآن وابنها يكاد يتم الخامسة.
ابتسمت لها مرام بصبر وهي ترد عليها بتهذيب: كله بأمر الله خالتي لم يحن الأوان بعد.
نظرت إليها بغيظ قائلة: فلتسعي إذن بدلاً من تواكلك الغريب هذا اذهبي للطبيب و ابحثي عن سبب هذا التأخير.
ارتبكت مرام مثل كل مرة تضغط عليها حماتها، فركت يديها بتوتر فهي تعرف أن كل اجابة تجيبها بها لن تعجبها.
أنقذها كريم بدخوله وهو يقول لوالداته متذمرًا: لماذا تتعجلين هكذا يا سميرة؟ يكفيني إياد وما يفعله بي، أشعر إنه ضرتي، ثم سحبها من يدها خارج المطبخ وهو مستمر بالحديث معها بعد أن غمز لزوجته.
ابتسمت له مرام وهي تزفر بارتياح دائمًا ما ينقذها كريم من تدخلات والدته الكثيرة وتعليقاتها التي لا تنتهي، فهي لا يعجبها أبدًا أي شيء تفعله، غمغمت بخفوت " لا حرمني الله منك أبدًا يا كريم " ثم أكملت ما تعده للضيافة.
**********
جالسة بجوار ابنها الذي أنهي تقشير إحدى حبات اليوسفي ثم أعطاها لها لتستخرج منها البذور حتى يأكلها وما إن أنهت ما تفعله لإياد، حتى وضع كريم أمامها بعض الحبات طالبًا منها أن تقشرها وتستخرج منها البذور كما فعلت لإياد متجاهلًا كلمات والده المستنكرة: أليس لديك يدين تقشر بهما ما تأكله؟ هل أنت طفل حتى تقشرها لك؟
ابتسمت مرام وهي تستمع لرد والدته الحانق: هكذا أنت دائمًا لماذا لا تتركه بحاله؟
هكذا دومًا حماتها لا تتحمل كلمة ولا نظرة على كريم، ابتسم كريم لوالده يغيظه: ماذا هناك يا أبي! زوجتي وأتدلل عليها، هل يضايقك ذلك مرام؟
ابتسمت وهي تناوله طبقه: تعرف أنه لا يضايقني.
أحاط كتفها بذراعه هامسًا لها: لا حرمني الله منك حبيبتي.
تعالى صوت هاتفه بإشعارات متتابعة فنظر له نظرة سريعة فوجد العديد من الرسائل على أحد التطبيقات، فتحها فوجد العديد من الصور له أيام الجامعة، دقة خائنة فلتت من قلبه وهو يرى الصورة الأخيرة مع رسالة أسفلها: اشتقت لك ألم تشتاق ؟، نظر قليلًا الى الصورة ثم تنبه على صوت مرام تسأله: هل هناك شيء كريم؟
تطلع لها لحظة ولملامحها الهادئة ثم أجابها: فقط هناك رسالة فاجأتني سأرد عليها فقط وأعود إليكم.
قام من مكانه ليرد على الرسالة ولكنه توقف لحظة وشيء ما دفعه للنظر خلفه إلى زوجته وابنه، ووجد نفسه بلا تفكير يمسح كل الصور ثم يحظر الرقم الذي أرسل له الرسائل وعاد يجلس جوار زوجته ويحاوطها بذراعه ويشاكس والده كعادته، أما على الناحية الأخرى فكانت إحداهن تتميز غيظًا وهي ترى العلامتين الزرقاوين اللتان أخبرتاها أنه رأى الرسائل ولكنه لم يكلف نفسه عناء الرد، رددت بتوعد: سنري يا كريم لن أتركك، لنرى هل ستصمد للنهاية؟
*************
فتحت عينيها بصعوبة على صوت طرق الباب العالي نظرت إلى الهاتف لتجدها مازالت السادسة أمسكت برأسها التي تؤلمها بشدة فهي نامت متأخرة أمس بعد سهرة طويلة مع زوجها، نهضت بتثاقل لتفتح لحماتها التي وبختها: كل هذا حتى تفتحي الباب، ونائمة أيضًا! أي بلاء هذا! بدل أن تأتِ أنتِ وتوقظيني أنا آت كل يوم لإيقاظ سيادتك.
غمغمت صفاء بنبرة خافتة: لقد سهرت أمس كثيرًا، كنت أتكلم مع محسن.
تابعت حماتها توبيخها : اسهري كما تشائين ولكن صباحًا أراكي أمامي في السادسة.
هزت صفاء رأسها بطاعة لحماتها التي بدأت بالتحرك لأسفل وهي تأمرها: أمامك عشر دقائق وتكوني أمامي.
تحركت صفاء بتثاقل لتتجهز للنزول فهو روتين يومي لا مفر منه.
كالنحلة تتنقل من عمل لآخر بدون راحة، فحماتها تصر على نفس الأشياء يوميًا رغم إنها لا تحتاج نظافة ولا ترتيب، فالبيت يكاد يلمع من كثرة نظافته، كادت تبكي من ألم ظهرها وهذا البيت الكبير يقع على عاتقها بأكمله وحدها، فحماتها تصر أن الأوان قد حان حتى تستريح بعد تعب عمر كامل في تربية أولادها وخدمة أهل زوجها، هكذا منطقهم في قريتهم الصغيرة بل منطق كل القرى المجاورة لهم، أما عن ابنتها التي تصغرها بعام فلا تشاركها أيًا من مسئوليات البيت تدللها أمها وتريحها مخبرة إياها إنها ستحمل هم بيت آخر كبير عندما تتزوج فلتدلل ببيت أبيها كما تشاء، فهي مخطوبة وزفافها بعد عام، زفرت بضيق وهي تسمع صوت حماتها تخبرها أن تسرع قليلًا حتى تستطيع أن تطعم الطيور على سطح الدار .
*************
تحركت بتثاقل إلى منزلها بعد عناء يوم عمل طويل، لمحت المنزل من بعيد فتباطأت خطواتها بلا شعور علها تطيل المسافة قليلًا حتى تصل، زفرت بحرارة عندما وصلت وهي تردد داخلها " لا مفر يا لينا ها قد وصلتِ "
فتحت الباب بمفتاحها الخاص وهي تدخل بهدوء لتفاجئ بصخب أبناء أختها وهم يركضون نحوها فرحين بقدومها، احتضنتهم بحنان وهي تدلف معهم إلى غرفة المعيشة لتجد والدها وزوجته يجلسون متجاورين ويتابعان التلفاز.
لمحت والدها كعادته كلما رآها يفتح ذراعيه فاندست في أحضانه تتنعم قليلاً بالدفء، قبل رأسها بحنان وسألها: كيف حال العمل اليوم؟
ابتسمت وهي تبتعد عنه عندما لمحت أنظار زوجته تحترق حقدًا، ثم ردت عليه بهدوء: بخير أبي، لمحت أختها تسنيم تخرج من غرفتها وهي تصيح بصخب كعادتها: لينا كيف حالك؟ سنسهر معًا في المساء لا تنامي مبكرة كعادتك، لو وجدتك نائمة سأسكب الماء على رأسك.
ابتسمت لينا وهي تلمح أختها تدور حول نفسها كعادتها تتجهز للنزول، أختها رمز للحيوية والانطلاق وحب الحياة، تبهج أي محيط تجلس به بخفة ظلها وحيويتها، سألتها: إلى أين حبيبتي؟
-سأقابل صديقاتي لينا ثم التفتت إلى أطفالها تحدثهم: من سيسمع منكم الكلام سأشتري له الحلوى وأنا قادمة.
تعلق مالك بذراعها يتوسل إليها بلهجته الطفولية: أمي خذيني معك وأعدك سأجلس بجانبك ولن أتحرك.
أسرعت لينا ناحيتهم وهي تسأل بصوت عالي: من سيأتي معي لأرسم له على وجهه ثم أردفت بإغراء: ومن سيلون في دفاتر الرسم الجديدة التي اشتريتها أمس.
أسرع الأولاد إليها وهم يتصايحون فضحكت: هيا بنا ولكن لوحوا لماما وقولوا لها مع السلامة، أسرع الأولاد يفعلون ما أخبرتهم به خالتهم لتتحرك بهم إلى غرفتها تنفذ ما وعدتهم به. بينما لوحت تسنيم لوالديها وهي تهرول الى الخارج لتلحق بصديقاتها اللاتي اتفقن على الخروج معًا، أغلقت الباب ولم يعلم من يجلسون إنها آخر مرة سيروها فيها إلى الأبد.
تعالت ضحكات أولاد أختها وهي ترسم لهم على وجهوهم الأشكال التي يحبوها، ابتسمت بحنان لفرحتهم وهي تكمل ما تفعله بحماس، انتفض الولدان على صوت صراخ فالتصقا بخالتهما من الخوف، انتفض قلبها وهي تميز صراخ زوجة أبيها فهرعت للخارج لتفاجئ بزوجة أبيها تنوح بصوت عالي، وجدت والدها بالقرب من الباب فأسرعت تسأله بخوف: ماذا حدث يا أبي؟
فوجئت بدموع والدها تتساقط وهو يجيبها: اتصلت بي صديقة تسنيم، هناك سيارة صدمتها وهي تعبر الطريق، صديقتها تقول إنها فاقدة الوعي ولا تستجيب لهم منذ وصولها للمستشفى، سأذهب الآن ادع لها يا لينا أن يكون الأمر بسيط.
شحب وجهها وهي تتمسك بذراعه قائلة: خذني معك يا أبي حتى أطمئِن عليها.
ربت على كفها: ابقِ أنت مع الأولاد حبيبتي سأطمئنك فور وصولي.
هزت رأسها بطاعة وهي تلمح زوجة أبيها تسرع الى أبيها قائلة: سآتي معك لن أستطيع الانتظار هنا، يا رب احفظ ابنتي يا رب.
ما إن انغلق الباب حتى التفتت لينا إلى أولاد أختها الّذين كانوا يرتجفون من الخوف ولا تستوعب عقولهم الصغيرة ما يحدث، أسرعت تحتضنهم بحنان وقلبها يرتجف بخوف على شقيقتها الصغيرة.
تعليقات
إرسال تعليق